الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وأزكى صلوات الله وتسليماته على من أرسله الله رحمة للعالمين وحجة على الناس أجمعين ونعمة للمؤمنين. يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ظلال مبين.
أما بعد،
أود أن أتوجه بتحيتي إلى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وإلى كل من يهمه التعرف على أحكام الإسلام الشرعية والإلتزام بها والعمل بها حتى تتحقق لهم السعادة في دنياهم وأخراهم ويرضون ربهم ويرضون فطرتهم ويرضون الناس من حولهم ويعود الأمر بالخير عليهم في حياتهم الآخرة والأولى. من هنا أنبه الأخوة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها على أمر مهم اعتاد كثير من الناس أن يقومون به إلى الآن، وهو ختان الإناث.
وأحب أن أبين للأخوة أنه لم يثبت لنا من خلال الأدلة الشرعية التي اهتم بها المسلمون في كل مكان: القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع المستيقن والقياس الحقيقي. لم يتبن لنا من خلال هذه الأصول ولا من خلال الأصول الأخرى التابعة لها مثل الإستحسان والمصالح المرسلة والعرف وغيرها، لم يتبين لنا من خلال الأصول الأساسية ولا الأصول التبعية أن هناك دليل يوجب على المرأة المسلمة أو يستحب لها أن تختتن. ولهذا وجدنا في كثير من بلاد المسلمين عددا من البلاد لا يختتنون وهذا في البلاد التي نعيش فيها، بلاد الخليج العربي وفيها المملكة العربية السعودية التي نشأ فيها الإسلام ونزل فيها القرآن وقام بدعوته محمد عليه الصلاة والسلام وفي البلدان المحيطة بها مثل قطر والكويت والإمارات العربية وعمان. كل هذه البلدان ليس فيها ختان وكذلك بلاد المغرب العربي مثل ليبيا، تونس، الجزائر والمغرب بالإضافة إلى كثير من البلدان في الشام. هناك إذن بلدان كثيرة لا يوجد فيها ختان. فلو كان أمراً معروفاً لقام العلماء ضد ضياع هذه السنة. إنه أمر لا يمكن السكوت عليه، ولا بد أن تقوم معارك حول هذه الأمور. لم يحدث ولم نر هناك معركة تقول للنساء في بلاد الخليج ولا بلاد المغرب ولا بلاد الشام اختنوا بناتكم! تركتم سنة وعملتم بدعة ـ لم يقل أحد هذا القول ـ نحن مطمئنون إلى أن المسلمين الذين يمتنعون عن هذه العادة وخصوصا يتم الختان في بلدان كثيرة بطريقة غير مقنعة وغير سليمة تؤدي الفتاة والمرأة وتترتب عليها أشياء خطيرة حيث تصبح حياتها فيما بعد حياة مؤلمة وحياة غير مستقيمة وحياة زوجية مؤلمة، يؤدي هذا الأمر بالأزواج إلى الاستعانة بأشياء لا يجيزها الشرع مثل المخدرات وما شاك ذلك.
نحن نؤمن بأن الشرع جاء لنا بكل خير وبلك يسر وبكل ما يسعدنا في الدنيا والآخر. قال الله عز وجل "... يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا". "إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" هذا ما جاء به القرآن والسنة النبوية وما قاله الخلفاء الراشدون وما أفتى به الصحابة الكرام وأتباعهم من التابعين ومن الأئمة المقتدين ـ هذا ما عليه المسلمون.
نحن ننادي المسلمين في أنحاء العالم، في إفريقيا وآسيا وحتى في أوروبا وأمريكا وأستراليا، لأن هناك بعض الناس يمارسون هذه العادة القديمة ظناً منهم أنها من الدين وأن الدين يأمر بها، ولكن الدين لا يأمر بما فيه ضرر للناس. لم يأت الدين إلا بالنفع والخير لم يجيء بشر ولا ضرر أبداً لذكر ولا لأنثى، لا لفرد ولا لأسرة ولا لمجتمع، إنما جاء بالخير كل الخير.
فنحن ندعوا المسلمين جميعا إلى أن يهتدوا بهذا الأمر الذي نادى به كل العلماء المصلحين والصالحين في جميع أنحاء العالم.
حضرت مؤتمراً في القاهرة وكان فيه علماء أجلاء ومفتي الديار المصرية ووزير الأوقاف وشيوخ الأزهر. وحضرت في أكثر من بلد آخر. كل العلماء ينادون المسلمين أن لا يلزموا أنفسهم بهذا الحرج الذي يضيق عليهم وعلى بناتهم، يضيق عليهم في حياتهم ويضيق عليهم في دنياهم وفي دينهم.
نحن ننادي المسلمين كل المسلمين في كل بلد أن يتقلوا الله سبحانه وتعالى في بناتهم الصغار، خصوصا وتختن البنت وهي لا زالت صغيرة لا تملك أمر نفسها، كل من يملك أمرها هو أبوها أو أمها أو أخوها أو أقاربها. هؤلاء يتصرفون في البنت ولا يجوز لهم التصرف في هذا الأمر لأنه أمر منما يعمله الشيطان الذي يدعوا الناس إلى القيام بهذه الجراحة والجرح والضرر الكبير. فهم يغيرون خلق الله كما قال سبحانه وتعالى "ولأمرنهم فليغيرن خلق الله" الشيطان قال هذا الكلام، فهم يغيرون خلق الله بأمر من الشيطان ولم يأمر الله بأن يغيروا خلقه.
ندائي إلى أخواني المسلمين وأخواتي المسلمات وإلى بناتي المسلمات وإلى كل من يعقل الخطاب ويفهم عن الله وعن رسوله وعن القرآن وعن السنة وعن المعرفة الإسلامية والثقافة الإسلامية، أنادي الجميع أن يرحموا بناتهم من هذه العملية التي لا معنى لها ولا مطلوب منها، وإذا تخلصوا منها لن يكون لهم إلا الخير في دينهم والخير عند ربهم والخير عند بناتهم والخير عند أزواجهم والخير لجميع الأمة. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدي أمتنا إلى كل خير وأن ينفعهم في دينهم ودنياهم اللهم آمين صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
|